قال الشاب: كانت لأمي عين واحدة، وقد كرهتها، لأنها كانت تسبب لي الإحراج، وذات
يوم ... في المرحلة الابتدائية جاءت لتطمئن عَليّ وأنا بالمدرسة، أحسست بالإحراج فعلاً،
وقلتُ في نفسي: ما الذي جاء بك؟! تجاهلتها, ورميتها بنظرة مليئة بالكره. وفي نهاية
الحصة قال أحد التلامذة: أمك، بعين واحده ... أووووه.
يقول الشابّ: وحينها تمنيت أن أدفن نفسي، وأن
تختفي أمي من حياتي، ولمّا عدتُ إلى البيت كنت قاسياً
معها، وقلتُ لها: لقد جعلتِ مني أضحوكة, لِم لا تموتين؟!!
لم أكن متردداً فيما قلت، ولم أفكر بكلامي لأني كنت
غاضباً جداً.
ولم أبال بمشاعرها، درستُ بجد، وتخرّجت، ثم ذهبت إلى مدينة
بعيدة عني للعمل, وأخذتني الدنيا، ولقمة العيش، ولم أكن أتصل لأطمئنّ عليها،
ونسيتها تماماً، وكأنّها ماتت، وتزوّجت ورزقني الله بثلاثة أولاد، ومرّت الأيام، وأنا لا
أبالي بها، ولا أعلم عنها شيئاً، كَبُر أولادي، وذات يوم
طرق طارقٌ الباب، ففتحتُ الباب، ولم تكن قد رأتني منذ سنوات،
ولم تر أولادي من قبل!!!
وقفَتْ على الباب وأخذ أولادي يضحكون، صرختُ:
كيف تجرأتِ وأتيت؟ جئتِ تخيفينَ أطفالي؟ .. اخرجي حالاً!!! أجابت بهدوء: (آسفة .. أخطأتٌ
العنوان على ما يبدو)، واختفت ....، و ذات يوم ذهبت -لإنجاز عمل ما- إلى القرية التي كنا نسكنها
أنا وأمي، وكنت قد تركتُها منذ زمن بعيد، ذهبْتُ إلى البيت القديم الذي كنا نعيش فيه, للفضول فقط!!!.
أخبرني الجيران أن أمي .... توفيت، لم أذرف ولو دمعة
واحدة!! وقاموا بتسليمي رسالة من أمي ....
مكتوبٌ فيها:
(ابني الحبيب: لطالما فكرت بك ..،آسفة لمجيئي
إلى بيتك وإخافتي لأولادك.، كنت سعيدة جداً عندما رأيتك
وأولادك، آسفة لأنني سببت لك الإحراج مراتٍ ومرات في
حياتك.، هل تعلم: لمَ أنا بعين واحدة يا بنيّ؟؟؟، لقد تعرضتَ لحادثٍ عندما كنتَ صغيراً وقد فقدتَ عينك.، وكأيّ أم, لم أستطع أن أتركك تكبر بعينٍ واحدةٍ ...، ولِذا ... أعطيتكَ عيني .....،
وكنتُ سعيدة وفخورة جداً لأن ابني يستطيع رؤية العالم بعيني.
..... مع حبي .....
..... (أمك) .....
0 التعليقات:
إرسال تعليق